أخيرا تم عقد المؤتمر العالمي الثالث للنساء القاعديات في تونس من 3 إلى 9 سبتمبر بروح ملؤها التضامن والفضول والنضالية بين نساء واثقات من أنفسهن ومن بلوغ النصر. ومن خلال مظاهرة ساخنة ومنقولة على وسائل الإعلام بشكل واسع جدا وافتتاح مهيب وورشات عمل وجلسة عامة غني المحتوى وسهرات ثقافية حماسية وجلسة ختامية مشتركة، أعطى المؤتمر أجنحة للأرواح وللمشاعر تحت شعار “نحن نساء، نحن قويات“. لقد كان هذا المؤتمر الذي جمع 450 مشاركة من 93 بعثة من 42 بلدا ثمرة جهد مضني من قبل لجنة المرأة لطيفة طعم الله التي استضافتنا بحفاوة مع لجنة الدعم التونسية التي تتكون من تقريبا 10 منظمات من بينهم منظمة حقوق الانسان و المرأة و نقابات و مزارعات ومن قبل المنسقات للحركة العالمية للنساء ومن عدد لا يحصى من المناضلات من جميع أنحاء العالم. يأتي كل هذا في مقابل وضع عالمي لا تعيش أنظمته المهينة إلا في ظل الأزمات: أزمات اقتصادية وسياسية وبيئية وغذائية وأزمات السياسة البرجوازية تجاه اللاجئين وأزمات صحية وأزمات مديونية… وقد عانت عديد المناطق من العالم ويلات الحروب في غضون العقود الأخيرة. بينما تكتسي الحرب في أوكرانيا ميزة جديدة: خطر نشوب حرب عالمية ثالثة، وحدوث كارثة نووية بفعل حرب غير عادلة من الطرفين. نحن نتواجد الآن في كارثة بيئية عالمية وهي تقدم نحو كارثة تهدد بمحينا من الوجود.
والنقطتان تثبتان بما لا يدعو مجالا للشك أن الامبريالية تقودنا إلى الحرب وتقوض أسس وجودنا. واللاعب الرئيسي الذي يشن الحروب هو الولايات المتحدة والناتو. وكل القوى الامبريالية تمشي فوق الجثث في خضم صراعهم التنافسي. ويركز التلاعب البرجوازي بالرأي العام على الحرب في أوكرانيا لتشتيت الانتباه عن النقاط الساخنة الأخرى.
وفي المقابل نحن نرى جيدا الترابط بين الظواهر: احتلال فلسطين من قبل إسرائيل الصهيونية في انتهاك للقانون الدولي والعدوان الوحشي لتركيا على روجافا و10 سنوات من “ثورة النساء” وإرهاب المتعصبين في الدين و الجهاديين و طالبان للجماهير في أفغانستان وحرمان سكان الصحراء الغربية من حقهم في تقرير المصير والاستغلال الخاص للقارة الإفريقية في إطار الاستعمار الجديد.
وكل هذا يعني بالنسبة لنساء العالم أجمع المعاناة والإهانة والأوجاع التي تطاق: فقد سمعنا عن قتل النساء وعن عنف جنسي وتشويه للأعضاء الجنسية وعن زواج القصر قطع للأثداء في إطار مسابقات تنظم في الغرض وعن فتح لبطون نساء حوامل وعن جلد بالسياط وعن جثث أطفال ميتين منحدرين من عائلات لاجئة ملقاة على الشواطئ وعن الشوفينية الذكورية وعن التحيز الجنسي وعن الدعارة القسرية بما في ذلك القصر وعن الاضطهاد ورأينا اغتيالات للمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسيا وموت للنساء بسبب حظر الإجهاض وإجبار الجماهير على جعلهم بمثابة جيش في حرب منظمة بالاستهداف وبالمكافئة والأجور المتدنية والفروق الشاسعة والدائمة في الرواتب مقارنة بالرجال والبطالة العامة وفقر المسنات، التضخم في الأسعار والجفاف والفيضانات واعتقال وترهيب وتعذيب المقاومات والثوريات. سمعنا عن كيف تعيش المزارعات و كيف يحتجون ضد تخريب الأرض الأم ومسكنهم. وكل هذا ليس فقط فيما يسمى بـ «المناطق المتخلفة في العالم“، بل أيضا في قلب ما يسمى بـ «البلدان الغنية والمتقدمة” ـ وبالتحديد البلدان تحت الهيمنة الامبريالية. هي أوجه الاستغلال والاضطهاد المضاعف مرتين وثلاث مرات لجماهير النساء، وهي أوجه العنف على أساس جنسي بكل مظاهرها البغيضة من قبل أكبر مرتكبي العنف المطبوع بطابع المجتمع الأبوي: أنظمة الدولة والأسرة في البلدان الإقطاعية والرأسمالية والامبريالية. لهذا نحن نطالب بتراجع كل الامبرياليين من بلادنا. ناتو، أخرجي من بلداننا.
في كل أنحاء العالم تكافح النساء ضد تخريب البيئة. نحن نعمل جميعا بكل قوانا مع الذين يريدون إنقاد أرضنا الأم.
إن العاملات والمزارعات والناشطات في منظمات السكان الأصليين والناشطات البيئيات ومناضلات حقوق الإنسان والنساء الشابات يعارضن كل هذا بمنتهى الشجاعة: كأفراد في إطار المبادرات الشخصية وكحركات في إطار المنظمات النسائية والنقابات والأحزاب السياسية من خلال شجب وتوثيق الجرائم بشجاعة مع وضع حياتهن تحت التهديد من خلال القيام بإضرابات وتنظيم مدارس سرية وتنظيم حركات جماهيرية تصل إلى حدود التمرد. غالبا ما يتم خلق وضعيات ثورية شيئا فشيئا تكون خلالها الجماهير لا ترغب في مواصلة العيش كالسابق ولا يتسنى للحكام التحم فيهم كما سبق. لأن البشر اليوم يستطيعون الحصول على عمل وخبز وتغطية صحية وتعليم. هذا ممكن فقط دون الرأس مالية و الامبريالية و المجتمع الأبوي.
لكن لا ينبغي لنا أن ننخدع: لا يمكن لأي تمرد وثورة أن تستمر ما لم يتنظم الأفراد المتسمين بالصلابة والثبات والوعي والجهوزية لأي شيء في منظمات جماهيرية وفي أحزاب سياسية ولم يعملوا معا في كنف الثقة التامة. لن تولد أي قوة تفوق الامبريالية إلا من داخل الطبقة العاملة الأممية والتي ستكون قوة لا تقهر بفضل وضوح رؤيتها وبفضل آفاقها الثورية وارتباطاتها في العالم أجمع. سوف ينتصر المجتمع الجديد لتحرير النساء وكل الإنسانية على كل القوى الجاذبة للخلف المستميتة.
يجب أن تتم المعارك الأولى من أجل هذا الهدف داخل العقول والقلوب. إن أفكار القادة التي تؤدي إلى التحطيم وفقدان الثقة والتقسيم يجب التخلص منها: الفاشية والمازوشية والتفرقة المبنية على الجنس، والاستعمار، والشوفينية، والقومية، والانتهازية، ومعاداة الشيوعية، وما بعد الحداثة، والصهيونية، كلها قد أساءت استعمال الأديان وأنماط التفكير والسلوكيات المختلفة.
كحركة النساء العالمية نساهم مساهمة جدية. كلنا نتحمل مسؤولية برنامج طموح حتى تاريخ المؤتمر الرابع للنساء الدولي في 2027: العمل على التوعية بشكل دائم وتنظيم العمل لحركة جماهير النساء والذي يمتد من الدين إلى العمل الثوري. ويجب تنظيم أيام نضالية هامة أيام 8 مارس، الفاتح من ماي، وال 25 من نوفمبر، مع دعاء إلى ندوة نساء العالم و نحشد ليوم السلام العالمي. لهذه الأيام النضالية نريد جميعا كنساء العالم محاربة الأزمات المنتشرة عالميا و الحروب. 8 مارس يجب أن يصبح يوم عطلة وعندما يحين الوقت، يجب على النسوة المرور إلى الإضراب!
هنالك مؤتمران اثنان في كل قارة. خلال 2024/25: الملتقى النظري الثاني، “ثورة النساء، التغيير الاجتماعي والبيئي، الثورة الاشتراكية وكيف يمكن مواجهة الامبريالية؟” ندعم تنسيقيات نساء العالم وننتخب 4 من كل قارة ودمج شباب نساء العالم بشكل مرتبط. سيعملن معا، ولكن اثنان من المنسقات سيركزن على التنسيق على مستوى القاري واثنان سيركزان على التنسيق على المستوى الدولي. نطلق نداء عاجلا للمنظمات والأحزاب والحركات بأن تتوفر لها موارد إضافية والدعم! نساند التغيير على مستوى الأجيال. دعونا نؤسس النساء المنسقات الشابات على المستوى القاري. خدو من كل بلد امراة شابة للاشثراك في التنسيق. ونكون لجنة دائمة للمنظمة لكيلا نواجه مشاكل سوء التنظيم.
ندعوكن للمشاركة في منصة نساء العالم في إطار الجبهة الموحدة لمواجهة الامبريالية والفاشية أو في إطار تحالفات ثورية جديدة. نسعى في إطار منظماتنا وحركاتنا إلى دعم التعليم والثقة في النفس لكي تتمكن النسوة والفتيات من لعب أدوار القيادة. نمد أيادينا لكل شركائنا في التحالف.
يا نساء وفتيات العالم! زمننا يبدأ الآن!